“السجن في السودان” جحيم خلف القضبان!

 شكا عدد من المساجين الذين استطلعتهم (التيار) من عدم توفر بيئة صالحة داخل السجون، بالإضافة إلى افتقارها للخدمات الصحية وعدم توفير كادر مؤهل، وأشاروا إلى أن كافة السجون صممت لأعداد محددة سابقاً عندما كانت الجريمة محددة، ولم تتم توسعتها اليوم في ظل انتشار الجريمة وتطورها وتطور أساليبها.
ويبدو أن الذي لم يتطور هو السجون ذاتها لتقابل انتشار الجريمة ويبدو كذلك أن الدولة لم تعر السجون الاهتمام الكافي في ظل تكدس كبير تعيشه وهو ما يتطلب الاهتمام الكبير بالسجن والذي يعني الاهتمام بالنزيل والذي يعني في اخر المحصلة الاهتمام الاكبر بالانسان وحقوقه ، فالمعاناة التي يعيشها النزلاء بالسجون هي معاناة انسان قادته الاقدار الى ذلك المكان لقضاء فترة عقابية وتأديبية ، ولئن كان العقاب يعني أن المجتمع لم يفقد الأمل في ذلك الفرد من المجتمع الذي من المفترض أنه يقضي فترة عقابية ليعود الى احضان المجتمع من جديد انسانا فاعلا وهي العودة التي تتطلب بيئة معينة تؤهل وتصلح ذلك العضو من المجتمع.
السجون الآن تحمل فوق طاقتها الاستيعابية، ويوجد تكدس لأعداد كبيرة داخل السجون
ويقول آدم بكر حسب المحامي أن السجون الاتحادية بالعاصمة والولايات تم بناءها منذ زمن سابق عندما كانت الجريمة محدودة، وأشار إلى أن سجن أمدرمان (الحجر) تم بناءه لأغراض أخرى في زمن المهدية، والآن استقل سجناً ويضيف حسب أن السجون الآن تحمل فوق طاقتها الاستيعابية، ويوجد تكدس لأعداد كبيرة داخل السجون، وينجم عن هذا التكدس بيئة غير صالحة من الناحية الصحية وانتشار للأمراض في ظل غياب الرعاية الصحية من توفر للأدوية وأجهزة الفحص واستخدام الوسائل القديمة وانتقال العدوى سريعاً، خاصة الأمراض الصدرية والجلدية، ويعود إلى افتقار السجون لوسائل التهوية الحديثة داخل الغرف وفشل إدارات السجون في توفير الحماية التامة للمساجين مع تعاقب فصول السنة المتعاقبة، حيث يفترش المسجون الأرض ويلتحف بالسقف وليس السماء، عدا السجون الاتحادية الكبيرة التي قد توفر بعض من الغطاء و”البساط”، وهي اغطية في معظم الأوقات لا تحمي من برودة الشتاء القارص ، كما تنعدم المراكز الطبية والكوادر المؤهلة، وإذا استدعت حالة للعلاج خارج السجن تقف في الطريق الإجراءات البيروقراطية، والروتينية في مسألة التبليغ عن الحالة. إذاً السجون توجد بها الممارسات الخاطئة والاستقلال والتسلط.
أما ما يتعلق بالغذاء داخل السجون والوجبة التي تقدم للسجين نجدها لا تصلح وغير مكملة لأبسط المواد الغذائية، ولا يصلح لصحة الإنسان وذلك بالرغم من الميزانية الضخمة التي تخصص لإدارة السجون وصرفها على السجون، ومواصفات الوجبة الغذائية الكاملة لا تقدم للسجين، ولو حتى مرة في الشهر، وهنا تكون الميزانية المقدمة غير كافية، بالإضافة إلى أن هناك مفهوماً خاطئاً في لماذا الاهتمام بالسجين باعتباره مجرم؟ ولا يشجع القائمين بالأمر في تقديم ما هو أفضل له من خدمات . أما فيما يتعلق بالسؤال عن هل السجين يمثل مصدر دخل للإدارة أم أنه عالة على الدولة في كون الدولة تصرف عليه في الأكل والشرب والعلاج؟ يعتقد “حسب” بأن السجين منتج إذا ما توفرت له الظروف، ففي الدول المتطورة يظل السجين منتجاً إلى حين انقضاء العقوبة، وبعدها يخرج إلى المجتمع شخص صالح وفي يده مهنة يكسب منها، ولكن للأسف نجد في السودان السجين منتج، ولكن العائد يعود إلى الدولة ولا يعود للسجين، بالإضافة إلى عمل السجين في منازل الموظفين الكبار بالدولة.
مما يعتبر سلوك غير حضاري، و عملهم في اكتساب حرفة يكسبون بها لقمة العيش بعد انقضاء العقوبة هذا من صميم عمل السجون، لأنها في النهاية إدارة للإصلاح والتهذيب. فيما أشار بكر إلى أن السجين الآن قد يكون مكلِّف للدولة أكثر من السابق لشح الموارد الاقتصادية وميزانية السجون أصبحت مكلفة ومرهقة للدولة باعتبار أن الظروف الاقتصادية أصبحت سيئة، بالإضافة إلى التضخم الذي طرأ على الجنيه السوداني. ونوَّه “حسب” إلى أن على الدولة إيجاد حلول بديلة لعقوبة السجن مثال عقوبة الغرامة المالية والتي يعمل بها في كثير من الدول في بعض الجرائم وذلك تقليلاً لمحور الصرف على السجناء أو اللجوء إلى حل آخر بتشغيل السجين كل حسب مؤهلاته والعائد يحفظ لدى إدارة السجن إلى حين خروجه وانتهاء فترة العقوبة .
وفي الولايات المتحدة الأمريكية يتم إطلاق سراح السجين من وقت لآخر في أثناء انقضاء العقوبة لكي يمارس حياته الطبيعية في وجود مراقبة بوسائل حديثة عبر شريحة تزرع في جسم السجين وتلحق بجهاز حديث يوضح مكانه في أي وقت . وهي نظام يمكن طرحه لأجهزة الدولة ويترك تنفيذه لوقت لأحق لعدم توفر الامكانيات لدينا، يعني نحاول وضع الحلول ووضع آلية للتنفيذ.
وحول عدم توفر الغذاء الصحي ،
ينفى محمد يحيى نواي العميد المتقاعد ومدير سجن سابق ما يدور من حديث حول ان بيئة السجن غير الصالحة، وعن الوضع المتردي للسجون، وأفاد في حديثه بأن السجون توفر احتياجات السجين كافة من أكبر إلى أبسط شئ، وذلك حسب نص المادة 22 من قانون قواعد الحد الأدنى من معاملة السجناء لعام 1955م، الذي يفيد في فحواه انه يجب أن تتوفر في كل مؤسسة عقابية طبيب واحد على الأقل مؤهل وملم بالطب النفسي، وأن تتوفر الخدمات الطبية لها على نحو دقيق، والاتصال على الإدارة العامة للخدمات الصحية بالمحلية والوطنية ، وكما ينبغي أن تشتمل على قسم خاص للطب النفسي يقوم بتشخيص الحالة وتقديم العلاج لحالات الشذوذ العقلي، وذلك إذا اقتضى الحال، وأكد (نواي) على أن العلاج النفسي متوفر في السجون السودانية، والدليل على ذلك مصحة كوبر التي تستقبل الحالات كافة حتى حالات المواطنين، واستدرك في حديثه بأن المصحات قد تكون متوفرة في المركز فقط دون الولايات، لأن السجن الاتحادي كوبر به مستشفى كامل به التخصصات كافة بالإضافة إلى وجود أطباء أكفاء، وأشار إلى عدم وجود أي ما يمنع إدارة السجن في تحويل المريض إلى مستشفى خارج السجن لتلقي العلاج في حالات الضرورة، وتكون المستشفى يتبع للجهات النظامية، وذلك حسب الفقرة التانية من نص المادة 22 نفسها التي تشير إلى أنه يجب نقل المريض الذي يحتاج إلى عناية خاصة إلى مؤسسات عقابية متخصصة أو مستشفيات مدنية إذا لم يتوفر العلاج في المؤسسة المعنية
وعلى الرغم من ما ذهب اليه نواي الا أن الكثير من السجناء الذين تحدثت اليهم يحكون الكثير من تفاصيل معناة يومية ويطالبون باصلاح السجون حتى تتمكن من اصلاح النزيل
تقرير : إنعام محمد آدم
صحيفة التيار

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!