“أغنيه وقصة” “حبيبة عمري”

الزمان بداية الستينات من القرن العشرين والمكان مروي.
مروي بكل سحرها التاريخي والحديث جعلت قاضي المحكمة العليا في مروي يتمرد على أعراف وتقاليد القضاء، ويتمرد على تقاليد القبيلة وأعراف المنطقة بأن (يخلط) (ويجكس) ((ويتكسّر))، ويكتب الشعر في ذات الحديث الخجول والهمس المنساب منه الخطر، فيبوح بأجمل بوح، فتخرج الكلمات بعذوبة وتتحول لأغنية كانت ومازالت حاضرة تتربّع علي هرم فنّ الغناء من حيث الكلمات واللحن والاداء.
أغنيه حبيبة عمري:
حبيبة عمري تفشى الخبر
وزاع وعمّ القرى والحضر
وكنت أقمت عليه الحصون
وخبأّته من فضول البشر
صنعت له من فؤادي المهادَ
ووسّدته كبدي المنفطر
ومن نور عيني نسجت الدثار
ووشّيته بنفيس الدرر
ومن حوله كم شبكت الضلوع
فنام غريرًا شديد الحذر
وقد كنت أعلم أن العيون
تقول الكثير المثير الخطر
فعلّمتها كيف تخفي الحنين
تواريه خلف ستار الحذر
فما همسته لأذن النسيم
ولا وشوشته لضوء القمر
ولكن برغمي تفشى الخبر
حبيبة قلبي وهل كان ذنبي
إذا كنت يومًا نسيت الحذر
ففي ذات يوم رقيق النسيم
كثير الغيوم قصير العمر
ذكرت مكانًا عزيزًا عليّ
وأنتِ به و أنا والأخر
ذكرتُ حديثَك ذاك الخجولَ
وصوتُك ينساب منه الخطر
حبيبة قلبي تقولين ماذا؟ تقولين
ويحي! وهل كنت أفهم حرفًا يمرّ
فصوتك كان يهدهد روحي
ويحملني بجناح أغر
يحلق بي حيث لا أمنيات
تخيب ولا كائنات تمرّ
وهوّمتُ حتى تبدّى أمامي
ظلام رهيب كفيف البصر
وقفت عليه أدقُّ الجدار
فما لان هونًا ولم ينشطر
وعدتُ تذكّرتُ أن هواك
حرام على قلبي المنكسر
وما كنت أنوي أقول الكثير
ولكن برغمي تفشّى الخبر
وعم القرى ما كنت أخفي
وضمدها بشذاك العطر.
الأغنية من كلمات القاضي المقيم في محكمه مروي.
لحن وغناء باشكاتب المحكمة.
يرافق الباشكاتب صديقه قاضي المحكمة الجزئية.
إنتشرت الأغنية في مدينة مروي والمناطق التي حولها، وانتقلت شهرتها للعاصمة الخرطوم، إلى أن وصلت أخبارها وتفاصيلها إلى رئيس القضاء حينها الذي قام باستدعاء كل “التيم” المشارك في تأليف وغناء القصيدة، وأصدر إجراءاتٍ تأديبية تمّ بموجبها نقل القاضي المقيم من مروي وأسندت له مهمه تأسيس القضاء العسكري، وتم تحويل باشكاتب المحكمة الفنان إلى قسم الأراضي بمحكمة بحري، وتم تحويل قاضي المحكمة الجزئية في مروي إلى محكمة بحري ومنها إنتقل إلى المحاماة.
لك أن تعرف عزيزي القاريء أن رئيس القضاء المعني هو مولانا بابكر عوض الله، ومؤلف القصيدة هو القاضي المقيم الشاعر الحٓسِين الحَسَن، وباشكاتب المحكمة هوالفنان عبد الكريم الكابلي، وقاضي المحكمة الجزئية هو المحامي الأشهر الأستاذ عمر عبد العاطي.
وكانوا جميعهم حينها يعملون في محكمه مروي.

2 عدد التعليقات ““أغنيه وقصة” “حبيبة عمري”

  • February 5, 2021 at 9:55 pm
    Permalink

    لو كان العواطف والأحاسيس النبيلة تحاكم لما كان هناك فسحة من الأمل والوعى قاضي محكمة قاس أدى واجبه بكل تجرد
    بس كان في الإمكان أن يقول شاعرنا الرقيق (والشعراء يتبعهم الغاوون )

    Reply
  • May 27, 2023 at 2:29 pm
    Permalink

    لا أعتقد أن مؤلف القصيدة هو القاضي المقيم الشاعر الحسين الحسن .. قراتها قبل 50 سنة .

    Reply

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!