الإسلام المنشود … والإسلام المرفوض (2) … “د. أمين حسن عمر”

ما أشبه الليلة بالبارحة عندما كان العالم الإسلامى يشهد تمزقاً وإحتراباً بسبب الحروب الطائفية والنزاعات الشعوبية.وآفة المسلمين الكبرى هى العصبية العنصرية الشعوبية التى تلتحف بالمذهب والطائفة الدينية وماحقيقة الأمر إلا التعصب العنصرى والنزعة الشعوبية.وقد ذكرنا فيما تقدم من قول كيف أن التشيع بعد مقتل الحسين آض إلى تعصب للإمام على ابن الحسين وكانت أقوى دوافعه بعد نسبته للعترة النبوية أن أمه الفارسية بنت كسرى آخر ملوك فارس قد جعلت أهل فارس يرون فيه إعادة للإمجاد القومية التليدة . ونشأت الإمامية التناسلية لتكون وراثة بالعرق كما هو السارى فى الأسرة الكسروية لا وراثة بالعلم الدينى كما هو الشأن فى السنة النبوية.ولم تكن الطائفة الأخرى التى تحزبت لبنى أمية بأفضل حالاً فهى تحركت بالتعصب للعرب بدعوى أنهم أهل الحق وأن الملك الإسلامى والخلافة فى قريش وفى العنصر العربى إلى يوم القيامة. فهل سيقبل أبناء الإمبراطورية الكبرى أن يندثر ملكهم إلى يوم القيامة.
التشيع الطائفى والتسنن الطائفى:
إذا أردنا أن نفهم وقائع الراهن لابد لنا من فهم مجريات أحداث التاريخ. فالتاريخ مثل نهر يجرى فى تضاريس متنوعة ،وقد يتخذ مسارات جديدة ،ولكنه لايزال يجرى على سنته ويحقق تواصله وإستمراريته.وقد بدأت الحالة الطائفية فى العالم الإسلامى بالإنقسام الكبير إلى تسنن عربى أموى وتشيع فارسى علوى.ولا تزال آثار ذلك الإنقسام الكبير والخطير ترسم ملامح حاضر العالم الإسلامى. فبنو أمية الذين نهضوا بزعمهم للإنتقام لمقتل عثمان ذى النورين رضى الله عنه ، وزعموا أنهم حماة العقيدة والدين وحاربوا باسم ذلك الزعم الإمام علي كرم الله وجهه وفتكوا بابنه الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زعموا أنهم حماة الدين من غلو الشيعة ومن تمرد الخوارج. واما الشيعة الذين لم ينصروا أمامهم حق النصرة حتى مات مغاضباً لهم ولم يحموا وريثه الحسين رضى الله عنهما جميعاً ، فقد جعلوا من دم الحسين شعاراً للعداء والإنقسام مثلما فعل بنو أمية إذ تلفحوا بقميص عثمان فهؤلاء تلفحوا بقميص الحسين وتحججوا بالإنتصار لدم الحسين. ومثلما كان تعصب بنو أمية للبيت الهاشمى أكبر منه تمسكاً بالنهج السنى كان تعصب الشيعة لأهل البيت الذين رأوا فيهم عودة مجد فارس أكبر من إنتصارهم لحق أهل البيت فى الزعامة والإمامة. وقد كشفت أحداث التاريخ بتفاصيلها هذه الحقيقة بما يدفع حجة كل ممارى ومكابر. فبعد مقتل الحسين انقسم الهاشميون إلى فريقين بنى أمية من جهة والعلويين والعباسيين من الجهة الأخرى . فقد كان عبدالله بن عباس رضى الله عنه أقوى مناصرى الأمام علي والإمام الحسين من بعده ، وسار أبناؤه على ذات نهجه حتى إستطاعت الدعوة العلوية و العباسية أن تسقطا دولة بنى أمية التى أذهلت العالم بسرعة توسعها فى المشرق والمغرب ، وأمتدت من بلاد السند حتى بلاد الأندلس. فما الذى حدث بعد ذلك بين الحليفين بعد أن آلت الدعوة والملك لبنى العباس لقد حدثت أمور جسام ، وقد كانت الدعوة لآل البيت يقودها آل البيت ممثلين بأتباع محمد ابن الحنفية بعد إعتزال على السجاد الفتن ، ثم خلفه ولده عبد الله المعروف بأبى هاشم من بعده ولكنه على نهج السنة النبوية الصحيحة لم يترك الأمر من بعده لأبنائه ولكنه أوصى لأقوى أتباعه شكيمة هو محمد بن علي من العباسيين والذى خلفه ابنه وكان شعار الدعوة هو( الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم ) وكانت خراسان هى أقوى معاقل الدعوة العلوية العباسية وجاء من بعد محمد ابن على أبناه السفاح والمنصور وسيرة الرجلين معلومة فى الفتك بأنصار بنى أمية ثم فتك المنصور بأنصار العلويين وذكر المؤرخان المسعودى والمقريزى (أنه إعتقل أبناء الحسن رضى الله عنه وأخفاهم فى مكان قصى) كما فتك بدعاتهم فى خراسان وعلى رأسهم أبى مسلم الخراسانى من بعد. فلم يكن الأمر عند المنصور إلا أمر ملك. وعندما جاء الرشيد من بعدهما وأصطلح مع العلويين وتحالف مع البرامكة أقوى دعاة العلويين ما لبث أن فتك بهم . وعادت الشكوك والريب والخوف على السلطان هو الأمر الغالب فى العلاقة العلوية والعباسية. وعندما أحترب الأمين والمأمون وكانت أم الأول عربية وأم الثانى فارسية تحزب العرب للأمين وتحزبت فارس للمأمون. ومال العلويون لمناصرة المأمون وبإنتصار المأمون عاد الحلف العلوى العباسى ممثلا فى العلاقة القوية بين الإمام على الرضا وبين المأمون. بيد أنه ما أستقر الأمر للمأمون حتى عادت الريبة من آل البيت وشيعتهم إلى شأنها القديم. وقويت الشعوبية فى العصر العباسى بأشد مما كانت على عهد بنى أمية بين عصبية عربية وعصبية فارسية . وأمر ذلك معلوم لا يقتضينا الإستفاضة فيه . بيد أن الدولة العباسية ما لبثت أن تمزقت إلى دويلات مستقلة وغزاها المغول ثم تفتت الدويلات إلى دويلات أصغر منها .وقد كانت إيران مهداً للولاء للعلويين لما رأوا فيهم من تواصل لأمجاد الأمبراطورية . وظلت إيران تشكل جغرافيا متميزة فى العالم الإسلامى بولائها العلوى إلا أنها فى غالب الوقت كانت خاضعة لحكم مجموعات عرقية عربية أو تركمانية شافعية تارة وحنفية تارة أخرى .واسم إيران نفسه يكشف المسافة الأثنية بين العرب السامييين الذين طالما خضعوا لسلطان إيران وبين إيران التى تشتق إسمها من نسبتها للآريين الذى أعتقدوا دائما بتفوقهم على سائر الأجناس . وترسخ الإعتقاد بامجاد الدولة الفارسية التى لا يمكن أن يذكر تأريخ العالم دون أن تذكر.بيد أن التشيع لم يصبح شعاراً لإيران وهوية لها إلا بنشؤ الدولة الصفوية التى أمتزج فيها التصوف بالتشيع والولاء القومى بالفكرة المذهبية وقد وسم نشؤ هذه الدولة إيران بالوصف الشيعى رغم أنها سبقتها دول علوية فى شتى أنحاء العالم الإسلامى عرفت بانها علوية المذهب فى المغرب والمشرق أو فاطمية فى مصر ولكنها جميعا لم تؤسس محوراً على أساس طائفى كما فعلت الدولة الصفوية.وقد بلغ العداء بالدولة الصفوية والشطط الطائفى إلى التحالف مع الفرنجة برتغاليين أو بريطانيين فيما بعد ضد الدولة العثمانية وضد الممالك السنية فى آسيا الوسطى.
التشيع الصفوى…بداية الصراع الطائفى:
تكاد الدولة الصفوية أن تكون معاصرة للدولة السنارية دولة الفونج فى السودان .بيد أن الدولة السنارية إستمرت بعدها ما يقارب القرن حتى العام1821 بينما إنتهت الدولة الصفوية فى العام 1731. نشأت الدولة الصفوية فى مرحلة تفكك الدولة التيمورية التى أسسها تيمور لنك على يد شيخ طريقة صوفية سنية وهو الشيخ صفى الدين الأردبيلى الشافعى المذهب . وذلك فى مطلع القرن السادس عشر وهى تعد أنموذجاً للدولة المذهبية، فرغم أنها سبقتها دول علوية النزعة كان حكامها من العلويين أو الفاطميين إلا أن المناطق التى حكمها هؤلاء لم تتعرض لإجبار مذهبى وظلت سواء كانت فى المغرب أو مصر أو خراسان مناطق أغلبية سنية. بيد أن الذى جرى فى إيران بواسطة الصفويين كان أمراً لا سابقة له. ورغم أن مؤسس الدولة كان صوفياً شافعياً سنياً، وظل كذلك حتى مماته إلا أن وريثه الثانى هو الذى أظهر التشيع وهو حفيده الجنيد الذى تشيع على المذهب الأثنى عشرى ورفض التوالى مع الأمراء السنة ، بل ذهب الى محاربتهم لإجبارهم على إتباع مذهبه.وكان وريثه وابنه حيدر أشد تشدداً منه وهو الذى أظهر رموز الدولة الصفوية إستلهاما من رموز غالبها مسيحى مستوحى من رموز غير إسلامية .بيد أن الدولة التى توسعت على عهد حيدر بلغت أوجها على عهد ابنه إسماعيل الذى إستعاد لنفسه لقب الشاه الذى كان يستخدمه ملوك فارس القديمة. وقد كانت محاولات الصفويين الأولى تتجه نحو الأناضول ولكنهم صادفوا مقاومة إضطرتهم للإتجاه نحو إيران .وقد إمتد ملك شاه الصفويين من تبريز التى إتخذها عاصمة له إلى أصفهان وكرمان ويزد حتى شمل جميع جنوب خراسان وأظهر العداء للخلافة وللعثمانيين وأجبر الناس على الدعاء باسمه فى المنابر وضرب النقود باسمه. وفى هذا الإبان كان العثمانيون السنة الأحناف يوجهون إهتمامهم نحو غزو أوربا ، ولكن الإستهداف الصفوى أجبرهم بخطورته للإلتفاف نحو المشرق بسبب حملات الصفويين على الأناضول وتطلعهم للإستيلاء على الحجاز. وقد ترافق هذا الخطر مع الخطر البرتغالى البحرى الذى كان هو الآخر يهدد المحيط الهندى والبحر الأحمر ويهدد الحرمين فى الحجاز. و إستولى البرتغاليون بقيادة ألبوكرك على جزيرة هرمز فى مدخل الخليج (العربى ـ الفارسى )وهددوا الملاحة فيه وفى المحيط الهندى. ومما زاد الطين بلة نشؤ تحالف بينهم وبين الدولة الصفوية التى إنتفعت من التجارة معهم بل ذهبت إلى إنشاء دبلوماسية نشطة وغيرت القوانين لتسهيل التعامل مع الأوربيين، بينما تستعر نار الحرب بينها وبين الدولة العثمانية والأمراء من المذاهب السنية فى آسيا الوسطى. بيد أن الجولة كانت لصالح العثمانيين الذين تقدموا نحو القوقاز وبحر قزوين واستولوا على بغداد ودخلوا العاصمة تبريز فأنحسر الخطر الصفوى ، ولكن الدولة ظلت قائمة وذات سطوة.وكان الشاه يعتبر نفسه بموجب المذهب نائباً للإمام وبذلك فإن سلطته الدينية والدنيوية مطلقة . ولايملك أحد أن يعصيه أبدا على الرغم من أن الملوك الصفويين كأمثالهم من أهل الإستبداد لم يكونوا أهل تقوى إلا أنهم أجبروا الناس على إتباع المذهب وعلى الطاعة المطلقة إجباراًمما طبع إيران كلها بالصبغة الشيعية المذهبية. بيد أن الصفويين جمعوا إلى هذه الصفة الإستبدادية علاقة وولاءً متيناً مع البرتغاليين والأوربيين الصليبيين أعداء الدين الإسلامى ليستعينوا بهم على خصماء المذهب. ولم يشهد العالم الإسلامى إستعارا طائفيا مقيتا فى تاريخه مثلما شهده أثناء وبعد الدولة الصفوية . وكان هذا السعار الطائفى مولداً لمثيله على الجبهة الأخرى فأتخذت الممالك والسلطنات الإسلامية سمتاً طائفيا وتحول ما يعرف بمذهب أهل السنة والجماعة الذى لم يكن يزيد عن كونه مذهبا كلامياً فقهياً إلى مذهب عقدى يجابه الخصوم بالتفسيق والتكفير والحرب الضروس ،ولم يكن ذلك هو شأن الأوليين من الفقهاء وأهل الكلام .
التشيع العلوى والتشيع الصفوى:
وربما سائل يسأل هل غيرت الدولة الصفوية خارطة التقسيم الطائفى والإجابة نعم وربما سائل يسأل هل إختلف الولاء لآل محمد صلى الله عليه وسلم والذى عرف بالتشيع قبل وبعد الدولة الصفوية والإجابة نعم أيضاً. المفكر الإيرانى الثورى على شريعتى فى كتابه التشيع العلوى والتشيع الصفوى يجيب عن السؤال فيقول (كان على الحركة الصفوية ورجال الدين المرتبطين بها أن يعملوا كل ما من شأنه التوفيق بين القومية الإيرانية والدين الإسلامي ، ولتبدو الوطنية والقوميةالإيرانية بوشاح ديني أخضر ، وفي هذا الصدد أعلن بين عشية وضحاها أن الصفويين ـ أحفاد الشيخ صفيّ ـ هم (سادةٌ) من حيث النسب أي أحفاد للنبي محمد! وتحول المذهب الصوفي فجأة إلى مذهب شيعي ، وصار الفقيه والمحدث بدائل عن المرشد والمرجع ، وتلبس الصفويون بلباس ولاية علي ونيابة الإمام والانتقام من أعداء أهل البيت .. وفي ظل كل هذه المحاولات كان الهدف الأصلي هو إضفاء طابع مذهبي على الحالة القومية ، وبعث القومية الإيرانية وإحياؤها تحت ستار الموالاة والتشيع .)ويمضى على شريعتى فيقول (في ضوء ذلك يمكن أن نفهم سر تركيز أجهزة الدعاية الصفوية على نقاط الإثارة والاختلاف إلى نقاط خلاف أو يفرغها عن قدرتها على أن تكون أرضية صلبة لموقف مشترك بين الفريقين .. وكنتيجة لهذا الفصل المذهبي حصل فصل اجتماعي وثقافي تبعه فصل على الصعيدين القومي والسياسي وبشكل بارز جداً .)وقد لخص على شريعتى الفروق بين التشيع قبل الدولة الصفوية وبعدها، وفرق بين مرحلتين مرحلة التشيع العلوى ومرحلة التشيع الصفوى . وأعاد تعريف التشيع بالتفريق بين مصطلحاته قبل وبعد الصفويين . فالعترة النبوية والتى كانت تعبيرا على إلتزام الشيعة بالكتاب والسنة مسترشدين بتطبيق أهل البيت (العترة النبوية ) لهم على إعتبار إن إتباع أهل البيت طريق مأمون للسنة وللكتاب ، أما التشيع الصفوى فكما يقول شريعتى(فالعترة عنده هي عبارة عن أسرة ، وهي وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي وتشويه الوجهة الحقيقية للرسالة ولمبادئها الأولى كالتوحيد ، وبالمقابل إرساء قيم مبتدعة تقوم على أساس العنصر والدم والوراثة) وأما مبدأ العصمة الذى لا يختلف عليه السنة والشيعة وهو بمعنى أن قائد الأمة ومن بيده أمور الناس والمجتمع ويتحمل أعباءهم الدينية يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الفساد والخيانة والضعف والخوف والمداهنة على الحق فقد تحول عند الصفويين ليكون (عبارة عن حالة فسلجية وبيولوجية وباراسيكولوجية خاصة لدى الأئمة تمنعهم من ارتكاب الذنوب والمعاصي.) ويمضى شريعتى فيقول وأما مبدأ الوصاية(بحسب التشيع العلوي وما نفهمه نحن ليست بتنصيب ولا انتخاب ولا ترشيح بل هي بمعنى قيام النبي ـ من منطلق موقعه القيادي للمجتمع ـ بتحديد أفضل الأشخاص وأكثرهم جدارة بتحمل عبء مواصلة المسيرة وحمل الرسالة التي جاء بها ، لكي تتخذه الأمة قائداً لها وتنقاد لأوامره وتوجيهاته) فهى فى النسخة الصفوية (عبارة عن نظام وراثي وسلالات حكم تنتقل القيادة فيها من الأب إلى الابن ومن الأخ لأخيه ومن جيل إلى جيل يليه ، وعلى ضوء هذا الفهم الخاطئ للوصاية ، يقال أن الإمام الأول صار إماماً أول لأنه ابن عم النبي وصهره وأول السلسلة ، أما الإمام الثاني فصار إماماً ثانياً لأنه ابن للإمام الأول والإمام الثالث صار إماماً لأنه أخ الإمام الثاني ومن ثم استمرت الإمامة نسلاً بعد نسل.)وأما الإمامة التى هى قيادة الأمة والدولة بالإستحقاق فقد حولها الصفويون كما يقول شريعتى ( إلى الاعتقاد بالأئمة من زاوية أخرى يكون فيها الاعتقاد بهم ليس سوى اعتقاد بـ (12) شخصية من جنس ما وراء الطبيعة واثني عشر رقماً واسماً مقدساً يجب علينا أن نحب أصحابها ونثني عليهم ونتقرب إليهم دون السعي إلى الالتزام بالتبعية والاقتداء بهم.)فالتبعية والطاعة المطلقة تبذل فى حقيقة الأمر وواقع الحال لمن تسموا بنواب لهم من الصفويين الذين لم يتغير سلوكهم الشخصى ولا طريقتهم فى الملوك عن سلوك وطرائق الشاهنشاهات من ملوك إيران القديمة. وعن مفهوم الصفويين للسنة التى هى الإتباع الفكرى والعملى لسنة النبى صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بآل البيت عند العلويين فإنها عند الصفويين (يرى أن (كتاب الله وعترتي) هي بديل عن (كتاب الله وسنتي) ولا يمكن أن يجتمعا معاً .)وأما عن الإجتهاد والتقليد فيقول شريعتى (: في التشيع العلوي ، يكون العالم الباحث حراً في اجتهاده ، وعلى العامي أن يقلده ، وهذه منظومة اجتماعية علمية جديرة بالتقدير ، بينما التقليد في التشيع الصفوي يعني أن يكون الناس جميعاً صماً بكماً عمياً بإزاء من يرتدي اللباس الرسمي المعترف به من قبل أجهزة السلطة ، ولا يجوز لغيره ولوج هذا الباب ليس في المجالات الفقهية الفنية وحسب بل حتى في مضمار فهم واستنباط القضايا الاعتقادية التي يفترض أن كل إنسان يكون مطالباً بنفسه بالاجتهاد فيها. وأخيراً, حاول شريعتي اطلاع أبناء الجيل الجديد ممن لديهم وعي واحساس بالمسئولية على حقيقة المصائب التي ألحقت بنا وبديننا ومجتمعنا , لإشعارهم بحجم المسئولية التي يتعّين عليهم النهوض بأعبائها وأن وراءهم طريقاً طويلاً يحتاج إلى همة عالية وبذل المزيد من الجهود والتضحيات.) وأيما ماكانت أحكام شريعتى على الصفويين ومن أتبع سبيلهم قاسية أو منصفة فإن الامر الذى لا شك فيه أن بروز الدولة الصفوية وسلوكها وفلسفتها فى الحياة والحكم قد غيرت العالم الإسلامى إلى مدى بعيد للغاية. ولا تزال عقابيل تلكم الأحداث التاريخية الخطيرة تسبب الكثير من المآسى والمخاطر للمسلمين ليس بسبب أفكار وأفعال الصفويين فحسب بل بأثر ردود الأفكار والأفعال الطائفية الخاطئة التى ولدتها تلكم الأفكار والأفعال .
نواصل
د. أمين حسن عمر

مقالات د. امين حسن عمر>>

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!