الإسلام المنشود … والإسلام المرفوض (4) … “د. أمين حسن عمر”

كانت مسألة رفع أصحاب معاوية القرآن على أسنة الرماح فى وقعة صفين مفتتحاً لجدال كبير بعضه تأويلى شرعى وبعضه تأملى عقلى .ولعل الجدل الذى تولد بين الفرقاء حول تلكم المسألة هو المهد الذى نشأ فيه علم الكلام .فالخلافات السياسية هى المرتع الوخيم لكل خلاف بل أن عدداً ليس باليسير من أهل التاريخ ينسبون نشأة علم الكلام إلى ردود سيدنا علي كرم الله وجهه وسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه على الخوارج بحجج شرعية وأخرى عقلية. فالخلاف لم يقتصر على مسائل حقوقية يستدل عليها بأحكام الشريعة وإنما ولج إلى أمور إستنباطية عقلية بعضها حكمى والبعض الآخر تصورى ، ثم أنفتح الباب مشرعاً للمجادلات بعد دخول أهل فارس إلى ساحة الدعوة العلوية وإلى سوح الخلاف السياسى بقوة ، وصاروا يحتجون بأمور عقلية من فلسفاتهم قبل الإسلام ، وتصدى الفريق الآخر لهم بحجج من ذات المشرب النظرى العقلى الكلامى.
حديث مناظرة ابن عباس رضي الله عنه للخوارج:
ووصلاً للمسألة الكلامية مع المسألة السياسية فقد رد البعض نشؤ الكلام إلى خلاف الخوارج مع سيدنا علي كرم الله وجهه ومناظرات ابن عباس رضى الله عنه معهم ومع غيرهم . و حكوا عن عكرمة بن عمار العجلي عن أبى زميل سماك الحنفي رواية عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لما خرجت الحرورية اجتمعوا في دار و هم ستة آلاف أتيت علياً فقلت يا أمير المؤمنين أبرد بالظهر لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم
قال : إني أخاف عليك منهم
قلت : كلا
قال ابن عباس : فخرجت إليهم و لبست أحسن ما يكون من حلل اليمن. قال أبو زميل : كان ابن عباس جميلاً جهيرا
قال ابن عباس : فأتيتهم و هم مجتمعون في دارهم قائلون فسلمت عليهم
فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة؟
قال قلت : ما تعيبون علي لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن ما يكون من الحلل و نزلت : قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق ؟
قالوا : فما جاء بك ؟
قلت : أتيتكم من عند صحابة النبي صلى الله عليه و سلم من المهاجرين و الأنصار لأبلغكم ما يولون المخبرون بما يقولون فعليهم نزل القرآن و هم أعلم بالوحي منكم و فيهم أنزل ؟و ليس فيكم منهم أحد؟
فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشاً فإن الله يقول : بل هم قوم خصمون
قال ابن عباس : و أتيت قوماً قط أشد اجتهاداً منهم مسهمة وجوههم من السهر كأن أيديهم و ركبهم تثني عليهم فمضى من حضر
فقال بعضهم : لنكلمنه و لننظرن ما يقول
قلت : أخبروني ماذا نقمتم على ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم و صهره و المهاجرين و الأنصار ؟
قالوا : ثلاثا
قلت : ما هن ؟
قالوا : أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله و قال الله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ «الأنعام آية:57» و ما للرجال و ما للحكم
فقلت : هذه واحدة
قالوا : و أما الأخرى فإنه قاتل و لم يسب و لم يغنم فلئن كان الذي قاتل كفاراً لقد حل سبيهم و غنيمتهم و لئن كانوا مؤمنين ما الذى أحل قتالهم؟
قلت : هذه اثنتان فما الثالثة ؟
قال : إنه محا نفسه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .
قلت : أعندكم سوى هذا ؟
قالوا : حسبنا هذا.
فقلت لهم : أرأيتم أن قرأت عليكم من كتاب الله و من سنة نبيه صلى الله عليه و سلم ما يرد به قولكم أترضون ؟
قالوا : نعم
فقلت : أما قولكم حكَّم الرجال في أمر الله، فأنا عليكم ما قد رد حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم في أرنب و نحوها من الصيد فقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ «المائدة آية: 95»، إِلَى قَوْلِهِ: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ «المائدة آية 95»، فنشدتكم الله أحكم الرجال في أرنب و نحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم و صلاح ذات بينهم؟ و أن تعلموا أن الله لو شاء لحكم و لم يصير ذلك إلى الرجال
و في المرأة و زوجها قال الله عز و جل: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنَهُمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا «النساء آية 35»، فجعل الله حكم الرجال سنة مأمونة، أخرجت عن هذه؟
قالوا : نعم .
قال : و أما قولكم : قاتل و لم يسب و لم يغنم؛ أتسبون أمكم عائشة ثم يستحلون منها ما يستحل من غيرها، فلئن فعلتم لقد ضللتم و هي أمكم ، و لئن قلتم ليست أمنا لقد كفرتم فإن الله يقول : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ «الأحزاب آية 6» فأنتم تدورون بين ضلالتين أيهما صرتم إليها صرتم إلى ضلالة
فنظر بعضهم إلى بعض قلت : أخرجت من هذه ؟
قالوا : نعم
و أما قولكم : محا اسمه من أمير المؤمنين فأنا أتيكم بمن ترضون و رأيكم قد سمعتم أن النبي صلى الله عليه و سلم يوم الحديبية كاتب سهيل بن عمرو و أبا سفيان بن حرب فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأمير المؤمنين : أكتب يا علي هذا ما أصطلح عليه محمد رسول الله
فقال المشركون : لا و الله ما نعلم أنك رسول الله لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك!
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم إنك تعلم أني رسول الله أكتب يا علي هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله فو الله لرسول الله خير من علي و ما أخرجه من النبوة حين محا نفسه
قال عبد الله بن عباس : فرجع من القوم ألفان و قتل سائرهم على ضلالة.
وجدل ابن عباس مع الخوارج كما أستبان مما سبق كان جدلاً إستنباطيا عقلياً ثم شاع هذا الضرب من الاحتجاج العقلى تدرجا ً مع المجادلات السياسية ، يقترن بها طورا ويفترق تارة أخرى . فتلكم بداية نشأة ما عُرف بعلم الكلام وكان أول شأنه يسمى علم أصول الدين والتوحيد كما أسماه أبو حنيفة ، وقد وصفه بأنه الفقه الأكبر وتابعه البزدوى من تلامذته ، وعبد القاهر الجرجانى صاحب التعريفات . وسماه الماتريدى بعلم التوحيد، وغلب عليه اسم علم الكلام لما صارت أكبر مسائله هى مسألة القرآن كلام الله «أهو قديم أم مخلوق». وقال بعضهم هو اسم قصد به الذم لهذا الضرب من الإحتجاج العقلى لأنهم يقولون ان المتكلمين قوم يقولون في أمور ليس تحتها عمل، فكلامهم نظري لفظي لا يتعلق به فعل، بخلاف الفقهاء الباحثين في الأحكام الشرعية العملية ، فالآخرون عند من يقول بذلك ممدوحون والأولون أجدر بالذم الكلام لبدعتهم ، فهم الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعمله وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه التابعون بإحسان والصحابة عليهم الرضوان ، كما قال بذلك جلال الدين السيوطى ، وعلى مثل هذا الرأى تأسست ما يسمى بالمدرسة السلفية . وهى ذاتها لا تعدو كونها جزءاً لا يتجزأ من مباحث علم الكلام . بيد أن علم الكلام رغم ما أدى إليه من جدل ومراء واختلاف وافتراق واحتراب لم يخل ممن يدافع عنه ، وهؤلاء يقولون ان النظر فى أصول الدين وإثباتها بالعقل ضرورة ، فالإيمان القائم على القناعة العقلية أقوى من إيمان التقليد. وقد إستهل الإمام الماتريدى كتابه الذى اسماه التوحيد بالإحتجاج لضرورة النظر فى مسائل الدين بالعقل ، وأحتج لذلك بطائفة من تأويلات السابقين العقلية من أهل السنة لمسائل التوحيد .أما الأمام الأشعرى فقد بوب باباً اسماه إستحسان الخوض فى علم الكلام ، وتابعه فى ذلك تلاميذه الجوينى والباقلانى . وأما المعتزلة فقد ذهبوا فى إستحسان الأمر بل فى إيجابه شوطا بعيدا فقد أوجبوا النظر العقلى فى مسائل الدين وجعلوا له رتبة فوق رتبة النقل و السمع . ولاشك أن أمر الخوض فى مسائل الكلام أصبح حاجة لا معدى عنها بعد أن فتح بابه بالجدل السياسى والفلسفى وأصبح تجاهل الأمر والتغافل عنه فى أوساط الطبقات المتنورة المتعلمة أمراً لا يكفى لدفع الشبهات ودرء إختلاط مباحث الفلسفة مع مباحث علوم الدين. بيد أن ما نجم عن ذلك بسبب توظيف الكلام فى المسائل السياسية قد فتح أبواباً ولج منها أصحاب الأهواء والبدع من أهل الفرق والملل والنحل فئام كثير. كما أدت تلكم الفتن إلى طرؤ موجة عاتية من موجات التشدد السلفى الذى أوغل فى مسألة التقليد إيغالاً أدى إلى غلو كبير، حتى صار التحريم هو الأصل وليست الإباحة هى الأصل، وأصبح التكفير أمراً يسيراً تتداوله ألسنة الدهماء قبل العلماء. ولم يتوقف الأمر لدى التكفير والتكفير المضاد بل ذهب إلى إستحلال ما لا يستحل من دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم مما نرى ونسمع فى كل ساعة وكل لحظة.
نشأة الحركة السلفية :
كانت خواتيم العهد الأموى وفواتح العهد العباسى هى مرحلة إشتداد الجدل الكلامى فى المسائل السياسية والتوحيدية وهو الزمن الذى كتب فيه الماتريدى كتابه فى أصول التوحيد وكذلك أبو حنيفة وهو عهد بدء ظهور المعتزلة فقد عاصر عمرو بن عبيد الخليفة المنصور، وكان وثيق الصلة بمحمد بن عبدالله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية . وكان النفس الزكية منازعاً للمنصور، فخشى الأخير من مناصرة عمرو بن عبيد للنفس الزكية ، وحاول تقريبه إليه مما أشعر بقبول العباسيين للمعتزلة لولا مناهضة الرشيد لهم فيما بعد ، ثم عظم أمرهم على عهد الخليفة المأمون الذى إنتحل مذهبهم حتى صار وكأنه المذهب الرسمى للدولة . وقد كان المأمون كما أشرنا علوى الهوى وقد أستنصر بالعلويين فى نزاعه مع أخيه الأمين على الملك. وقيل أن بشر المريسى زين له الإعتزال فاعتنقه بل إنه أصبح يرشح له وزراءه، فرشح له أحمد بن أبي خالد ثم من بعده يحيى بن أكثم .
وكان المأمون في أول أمره بين اتجاهين: أولهما إظهار الاعتزال علناً، وكان يشجعه على ذلك أحمد بن أبي دؤاد حتى إنه كاد أن يأمر بلعن معاوية على المنابر إلا أن القاضى يحيى بن أكثم ويزيد بن هارون وزيره أقنعاه ألا يفعل شيئاً من هذا ثم تمكن الأمر لأحمد بن أبي دؤاد، فأظهر المأمون الاعتزال وتعصب له، وحمل الناس عليه، فكانت المحنة التي أطُلق عليها محنة خلق القرآن . ومحنة خلق القرآن أو القول فى كلام الله «أهو قديم أم مخلوق » هى التى صارت محوراً للجدل فى علم الكلام حتى أنها صارت وسماً له فمنحته اسمه.
وأما المأمون فقد كان شديد التعصب لآرائه كثير التحول فيها ، و قد نادى مشايعة للعلويين بتفضيل على كرم الله وجهه على أبي بكر وعمر رضى الله عنهما، بل بايع من بعده لإمام أهل البيت علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ولياً لعهده بل ذهب إلى خلع السواد شعار العباسيين ولبس الخضرة لباس العلويين، ثم لما مات علي الرضا رجع عن البيعة لآل البيت وعن لباس الأخضر. وهاهو ابن كثير يقول عنه «كان فيه تشيع واعتزال وجهل بالسنة الصحيحة » . وفتنة المأمون للعلماء لينتحلوا نحلة الإعتزال هى التى سميت بفتنة خلق القرآن ، وشهدت بداية نشؤ الحركة السلفية المضادة للإعتزال ثم المضادة للكلام كله وإعتباره بدعة مخالفة للكتاب والسنة. ومما قوى هذه النزعة الصلة القوية بين الإعتزال والتشيع وبخاصة فى مبادىء العقل و التوحيد والعدل حتى زعم البعض أن الإعتزال ليس إلا مذهب عقلى للشيعة . وكان الإمام أحمد ابن حنبل هو قائد الإعتراض الأبرز ممن خالفوا المأمون ثم المعتصم ثم الواثق من بعده . وقد ضُرب وحُبس وفُتن وأصحابه ولكنه لم يتزحزح عن موقفه حتى صار رمزا للمعارضة للعباسيين وإماما للمناهضين للكلام جملة وتفصيلاً . وكان مذهبه هو أنه يسعنا ما وسع السلف الصالح ، فالسلفية الحنبلية التى هى أساس هذه الدعوة تقول ان القرآن والسنة يجب أن يُفهما على أساس فهم السلف الصالح فى القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية . وأنه أيما فهم خالف تلكم المفاهيم فهو بدعة مرذولة. ويستدلون على قولهم هذا بقوله صلى الله عليه وسلم «خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» . وقد ساوى السلفيون الأولون الحنابلة على عهد الأمام أحمد وحتى يومنا هذا بين منهج السنة الصحيحة وبين مذهبهم ، فالمذهب السلفى عندهم هو السنة الصحيحة ، مما يلزم بالقول : ان من لم يلتزم به فهو مفارق للسنة الصحيحة . و أنظر ما قد يترتب على ذلك من أحكام من تخطئة وتفسيق قد يذهب للتكفير . وقد بالغ أصحاب الإمام أحمد بن حنبل فى تعظيمه على طريقة تعظيم الشيعة لأهل البيت ، حتى قال بعضهم أن محبته دليل على الإيمان وبغضه دليل على الكفر والزندقة ، بل أنهم لم يقبلوا مجرد النقد العلمى لآرائه . فقد حاصر الحنابلة الإمام الطبرى فى داره ومنعوا خروجه منه لرأى رآه فى بعض آراء الإمام أحمد بن حنبل، بل قيل أنهم منعوا خروج جثمانه للدفن بعد وفاته . هذا رغم شهادة اهل العلم منهم للإمام الطبرى أنه « يلتقي مع الإمام أحمد وأصحابه في صفاء الاعتقاد ، والجري فيه على طريقة السلف بلا تأويل ، ولا تفويض ، ولا تشبيه ، مع النزوع إلى فقه الدليل» وقد كان الإمام الطبرى فى زمانه رأس العلم فى الفقه والتفسير والقراءات والتاريخ والسير، ولكنه لم يرض اتباع الإمام أحمد من المتعصبين لإنحيازه للإعتدال ، ورفضه تكفير الشيعة بل وذهابه إلى إثبات بعض الأحاديث الصحيحة التى يستشهدون بها وينكرها خصومهم ، مثل حديث الموالاة المذكور فى البخارى بغير الخاتمة التى يثبتها الشيعة والتى تقول «من كنت وليه فعلي وليه». حقق الطبرى الحديث وصححه فى رسالة مكتوبة تقر بإثبات ما تقوله الشيعة ، ولكنه فسر الموالاة بغير ما تفسره الشيعة . فالموالاة هى لله ولرسوله ولخواص المسلمين وعوامهم بنص القرآن . وقد اوضح مناسبة الحديث التى تفسره وتمنع التأويل المتزيد له ولكن ذلك لم يكن ليرضى متعصبة العوام من الحنابلة. وكان الإمام الطبرى فى ذات الوقت يأخذ على متشددة الشيعة تعصبهم وتطاولهم على الصحابة وتكفيرهم لخصومهم . وأما فى مسائل الكلام فكان الطبرى أقرب لرأى الإمام أحمد فى أفضلية عدم الخوض فى الفاسفيات، بخاصة فى أوساط العوام الذى قد يلبس ذلك عليهم تلبيساً كثيرا. وقد تحول الحنابلة فى العراق وبغداد خاصة إلى حركة شعبية وقوة إجتماعية وسياسية يُحسب لها حساب ، وكثرت منازعتهم وبخاصة مع الشيعة من جهة والأشاعرة من الجهة الأخرى. وتطور مذهبهم بعد إتباع جملة من أئمة العلماء له وبخاصة فى جانبه الفقهى بيد أن الجانب المتصل بأصول الدين شهد نهضته الكبرى على يد الإمام أحمد بن تيمية زعيم المدرسة السلفية فى تبديها الأكبر الثانى.
نواصل
د. أمين حسن عمر

مقالات د. امين حسن عمر>>

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!